المنطقة الحرة

ملاحظات الأستاذ خالد

حسن الحلوجي

على مدار سنوات دراستي مرّ عليّ أكثر من مدرس لغة عربية، أذكر أنهم كانوا فائقين بصورة باهرة، متميزين عن غيرهم من مدرسي المواد الأخرى، لا أدري لماذا، لا أعرف سر الهيبة التي كانت تميزهم..

كنت أشعر بضآلة علمي أمام تمكنهم من إعراب جملة بكل بساطة أو نطق عبارة نطقا صحيحا بكل سهولة، كنت أراقب هذا فيهم وأنا أراجع ما قرأت في مجلة أحضرها لي أبي، أو كتابًا من كتب محمد عطية الإبراشي، أو كامل كيلاني، استعرته من المكتبة.

 وكان معظم مدرسي المواد الأخرى -للغرابة يملكون القدرة على مراجعة خطأ لغوي نطقته حين تصادف الظروف.. لا أدري هل كانوا كبارًا بصورة حقيقية أم أن مدرّسي الزمن الحالي هم الذين تقزموا وتضاءلوا.

أذكر مدرسًا اسمه خالد في المرحلة الإعدادية، كان يكتب لي ملاحظات تفصيلية على كل خطأ كتبته في كراسة الإملاء أو النحو أو النصوص.. وإلى الآن أحتفظ ببعض هذه الكراسات وأقرأ ما كتب، فكأنه لا يزال أمامي، وكأنني لا زلت طفلًا صغيرًا يجلس أمامه.

وأذكرأول سيناريو سينمائي كتبته في حصة التعبير في المرحلة الثانوية، حيث كنت في تحدِّ بيني وبين زملائي لحيازة أكبر درجة من المدرس، فلجأت الى أفكار حسن الإمام في السينما. وما زلت أحتفظ بهذه الكراسة إلى الآن، لأن حركة خط أستاذ اللغة العربية لا تزال تذكرني به بين صفحاتها.

وكثيرا ما حفظت ذاكرتي ذكريات غير لطيفة عن بعض المدرسين كمدرسي العلوم أو الرياضيات، بعض الغلظة أو الحسم منهم، لكني لا أحتفظ في ذاكرتي سوى بكل عطف ورقة وشاعرية منحها لي مدرسو اللغة العربية، بما يحفظون من أشعار، وبما يملكون من حلو اللسان وبراعة البيان وقدرتهم على التأثير في على مدار سنوات الدراسة التي مرت بها حياتي.

اقرأ ايضًا:

الأستاذ هاني وردة

وصرخت ميس صافيناز

رسائل الغياب

لماذا لم تعودي يا ميس شيرين؟ 

المدينة البعيدة

كساحر خفيف اليد

Comments

التعليقات

أظهر المزيد

مقالات مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى