التهمني اليوم أسد وأنا في طريقي إلى الشغل! أسد أسد أسد
التجربة لم تكن سيئة إلى هذا الحد. كنت أحتاج إلى التكور في وضع الجنين كي أمرَّ من حلقه الضيق، وهو ما لم أجد صعوبة في فعله، إذ يا طالما قلصتُ حجمي إلى النصف -وأحيانا إلى الربع- خلال ركوبي المواصلات العامة.
في الواقع، أحسستُ بالإطراء. هذه أول مرة يختارني أي أحد في أي وقت من أوقات حياتي.
المثير في الأمر أنه أصبح لديّ الآن وقتٌ كافٍ -كما أحلم- لإنجاز كل المهام المتأخرة، والالتفات قليلًا لنفسي، هذه فرصتي أخيرًا لأعيش. فقط عليَّ تحريك يدي والوصول إلى جيبي لالتقاط مفكرة المهام التي لا تفارقني، كي أبدأ.
إممممم، يبدو هذا في استحالة استمراري في علاقة يكون طرفها الآخر أي أحد سواي!
حسنا لا مفر من الاعتماد على ذاكرتي!
الحقيقة أن هذا قول مضحك للغاية، فذاكرتي ليست أفضل من يصون سري ويحفظ عليّ أحداث حياتي، فهي تنتقي لي على هواها كل ما يجرح ويؤلم ويثبت لي أن أعظم أدواري في الحياة أن أكون مرحلة ما في حياة الآخرين، حتى يعثروا على من يستحق أن يمضوا معه باقي حياتهم فعلا.
عموما أنا سعيد للغاية لأن غيابي سيربك أطرافا كثيرة؛ فودافون لأني لم أسدد آخر جنيهات اقترضتها منها، والفكهاني على ناصية الشارع إذ لن يتاح له غيري ليبيع له فاكهته المضروبة دون أن يفتح فمه، ومديري في الشغل الذي لن يخلفني لديه من يعمل في أيام إجازاته ويتولى مهام زملائه دون تذمر، وكل الفتيات اللائي سيفوتهن فرصة هرس قلبي وامتصاص رحيقه ثم إلقائه على قارعة الطريق، على سبيل المرح.